Wednesday, February 13, 2013

من يوميات مسافر.. جنيف والعرب

أعود اليوم بعد انقطاع لاستكمال سلسلة تدوينات من يوميات مسافر...
وتدوينة اليوم راودتني رغبة بنشرها منذ أن تلقيت تعليقا على تدوينة "مراجع غير إسلامية" من الأخت حبيبة قالت فيه: "ليست المشكلة في اختلافهم عنا بقدر ما هي في اختيارنا لما نأخذه منهم..."
خطر على بالي حين قراءتي لذلك التعليق ما قابلني أثناء زيارتي لمدينة جنيف السويسرية... 
تلك المدينة التي تحيط بها فرنسا وبحيرة جنيف من ثلاث جهات، ولا يربطها بسويسرا سوى شريط ضيق، بحيث تبدو على الخريطة كأنها جزء من فرنسا اقتطعته منها سويسرا، والحقائق التاريخية تشير إلى أن جنيف هي من أولى المقاطعات التي أسست الاتحاد الكونفيدرالي السويسري.
إنها مدينة كبيرة، تعتبر ثاني أكبر مدن سويسرا من حيث تعداد السكان، وأكبر مدن الشطر المتحدث بالفرنسية في سويسرا، ويقع فيها كمية كبيرة جدا من مقرات المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية، ويكفي أن نقول أنها كانت المقر الرئيسي للأمم المتحدة قبل إنشاء المقر الحالي في نيويورك، وكان ذلك سببا رئيسيا في تنوع الثقافات في تلك المدينة بصورة لم ألاحظها في أي مدينة أخرى قمت بزيارتها.

وصلت إلى تلك المدينة بعد رحلة استغرقت حوالي أربع ساعات بالقطار ظهر يوم السبت قادما من زيوريخ، وهو يوم أجازة رسمية، وقضيت هناك السبت والأحد بانتظار مهمة العمل التي كانت يوم الإثنين، وكنت قد خططت لذلك مسبقا بحيث أحصل على فرصة كافية للتجول في المدينة والتعرف عليها، كان ذلك في شهر سبتمبر 2009.
أول ما فعلته بعد وصولي للفندق وتغيير ملابسي، هو زيارة بحيرة جنيف الشهيرة، وكان يوما ممطرا، وهناك فوجئت بأنني لن أستطيع استخدام الكاميرا لأسباب تقنية، فلجأت إلى كاميرا الموبايل، وخجلت من أن أطلب من المارة أن يلتقطوا لي الصور على البحيرة كما نفعل في بلادنا، فقمت بنفسي بالتقاط صورة وحيدة لي على ضفاف البحيرة كانت جودتها سيئة (جدا)، والتقطت عددا من الصور الأخرى ثم قمت بزيارة المنطقة التجارية على الضفة الأخرى من نهر جنيف، ولفت نظري أن سكان تلك المدينة يرفضون التعامل بأي لغة أخرى غير اللغة الفرنسية، حتى ولو كان لمجرد نطق الأرقام!
عند العصر، كان الجوع قد استبد بي، فقصدت طريق العودة إلى الفندق، حيث قابلت عددا من المطاعم العربية التي تقدم اللحوم الحلال، إلى أن وصلت إلى مطعم مصري يديره أحد المصريين المقيمين هناك، أعتقد أن إسمه  كان عم سيد!!
وللحقيقة فقد كان مطعما بسيطا، تناولت فيه بعض السندوتشات الخفيفة، وأصابني القلق حول مدى صدق صاحب المطعم أن اللحوم حلال بعد أن شاهدت طبيعة المترددين على المكان... وللأسف فقد كانوا من العرب، وكانت الفكرة التي كونتها عنهم سيئة... جدا!!
ومنذ ذلك الحين وحتى نهاية زيارتي للمدينة فقدت أي تعاطف مع المدينة كلها، ولذلك فقد قضيت معظم فترة إقامتي هناك في غرفتي بالفندق، لم أنزل إلى الشارع إلا قليلا جدا، ولم يمنع ذلك أن تتعاظم الفكرة السيئة التي كونتها عن تلك المدينة، حيث وصل إلى مسامعي وأنا بالغرفة الكثير من الألفاظ العربية الخارجة من العرب في الشوارع، ولمحت كثير منهم يصطحبون الفتيات الأوروبيات في مشاهد مخزية.
حتى الطعام، أصابتني مشاهد المترددين على المطاعم العربية بانعدام الثقة والمصداقية، فقررت إلى أن أعود إلى المأكولات البحرية تجنبا للشك، وبالذااااااات، البيتزا بالتونة!!!!
هكذا كانت جنيف في نظري، نموذج للتعامل العربي السيء مع الحضارة الغربية، أخذنا منها أسوأ ما فيها وتركنا كل جميل فيها.
والآن أترككم مع أجمل ما شاهدته في جنيف من مناظر رائعة التقطتها بكاميرا الموبايل، وطبعا كانت هذه الصور قبل أن تنسد نفسي عن المدينة...

التدوينة القادمة بإذن الله ستكون مع رحلة إلى مدينة أخرى... فرانكفورت.


نافورة بحيرة جنيف الشهيرة بارتفاع أكثر من 300 متر والأراضي الفرنسية في الخلفية
البجع أوالأوز في بحيرة جنيف
أعلى أحد الكباري على بحيرة جنيف
بالقرب من قلب المدينة التجاري
المراكب واليخوت الراسية على ضفاف البحيرة
ساعة من الورود

6 comments:

  1. السلام عليكم

    دائما نستمتع معك برحلاتك الراقية التى تدعمها بالصور الجميلة والمشاهد الرائعة التى تعميق الاحساس بتلك الذكريات

    ولفت انتباهى مسألة انعدام الثقة بالنسبة للمطاعم العربية اعتقد من ألف الشىء زهد فيه ومع كثرة الاختلاط والاندماج يحدث هذا الذوبان فى المجتمع مادام ليس هناك قاعدة ايمانية تدعم الامر ...كان الله فى عون المقيمين هناك من المسلمين :)

    اشكرك اخى الكريم على مشاركتنا تلك الذكريات والرحلات الرائعة
    جزاك الله خيرا وتحياتى بحجم السماء

    ReplyDelete
  2. ماذا أقول لك أخي بهاء؟ (ياريت ما انسدت نفسك عن المدينة) كنت أمتعتنا بصور كثيرة أخرى، ومعلومات وتفاصيل أكثر.
    لكن فعلا ما تناولته من خلال هذه التدوينة يوضح بدون غموض صورة العرب في بلاد الغرب، فأية صورة يجب أن يقدمها العربي لهم؟ إذا كانت بهذا الشكل المشين، لا، والمصيبة أن الغرب ينظر للعربي على اعتباره مسلما.

    مع تحيتي أخي بهاء
    قد اشتقت لمدونتك.

    ReplyDelete
  3. الأخت الفاضلة/ ليلى الصباحي...
    جزاك الله خيرا على تواصلك الطيب...
    أتعجب مثلك من إخواننا المسلمين المتعايشين مع واقع سيء في البلاد الأوروبية، فمسألة الطعام مسألة مهمة جدا وخطيرة، وللأسف فأكثر من أعرفهم من المسلمين هناك لا يلقي لها بالا!!
    كما قلت لابد من وجود قاعدة إيمانية...
    تقبلي تحياتي...

    ReplyDelete
  4. أخي الحبيب/ أبو حسام الدين...
    والله أخي كنت أحضر برنامجا رائعا للتنزه في جنيف لكن ذلك البرنامج فشل تماما بعد سدة النفس التي أصابتني ... ههههه
    وع العموم ملحوقة، فالتدوينتين القادمتين بإذن الله سأتحدث فيهما عن زيارة أكثر روعة إلى مدينة أخرى أحببتها جدا واستمتعت فيها كثيرا...
    جزاك الله خيرا على تواصلك الطيب، ونحن نشتاقك كما تشتاقنا.
    تقبل تحياتي...

    ReplyDelete
  5. أخى الكريم : بهاء
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هناك البعض من العرب وخاصة من يعيشون فى بلاد مازالت تتمسك بالتقاليد الأصيلة
    عندمايخرجون من بلادهم يخرجون عن كل التقاليد والسلوكيات القويمة ويصابون بحالة
    من الانحراف وخاصة عندما تكون بلادنا تختلف فى التقاليد ولايوجد لديهم تمسكاً بالقيم....

    وهذا ليس ذنب هذا البلد بقدر ماهو ذنب هؤلاء العرب

    حقيقة استمتعت كثيراً بالرحلة معك وبالصور الجميلة وخاصة وأنت قد حباك الله
    قدرة رائعة وإبداعية فى الوصف والسرد وتقريب الصورة

    أخى لك منى خالص التقدير والاحترام
    وبارك الله فيك وأعزك

    ReplyDelete
  6. أستاذي الغالي/ محمد الجرايحي...
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...
    أشكر لك شكرا جزيلا كلماتك الطيبة وتشجيعك المثالي الذي أثمنه وأحفظه في قلبي.. فجزاك الله خيرا.
    فعلا فالذنب ليس ذنب البلد وإنما هو ذنب هؤلاء العرب الذين وجدوا الفرصة لإلقاء كل قيود التقاليد والإسلام وراء ظهورهم للتمتع بمباهج الحياة المختلفة هناك بأسوأ صورة ممكنة... ولكن ذلك كان كافيا ليجبرني على أن أقبع في غرفتي معظم وقت إقامتي هناك ولا أخرج إلا في أضيق الحدود حتى لا يشيروا إلي ويقولوا "هذا عربي"!!!
    تقبل تحياتي...

    ReplyDelete

أسعدني تشريفك، وبلا شك سيسعدني أكثر تعليقك، فلا تبخل به:)