كانت أجازة الصيف كل عام عبارة عن زيارة للوطن، لمصر، ننتظرها بفارغ الصبر طول العام، وكان أجمل ما فيها هو تلك الزيارة إلى بيت جدي وجدتي في القاهرة.
كنا نسكن في الزقازيق، تلك المدينة الهادئة الجميلة، لكني لم أرتبط عاطفيا بها بسبب أنني لم يكن لي فيها أي أصدقاء يمكن أن ألعب معهم، والصداقة واللعب في حياتي كالماء والهواء اللذين لا أستطيع العيش بدونهما.
كنت أترقب اليوم الذي نسافر فيه إلى القاهرة، حيث بيت جدي، ونجح جو الأسرة في إتاحة فرصة أكبر لي للانطلاق بعيدا عن متابعة الأهل الصارمة، فنجحت في التعرف عليهما حيث كانا يقيمان في أحد الطوابق بالبناية التي يقيم بها جدي.
محمد ومصطفى أخوين، كان أحدهما يكبر الآخر بعام واحد، تماما مثلي أنا وأخي "أمير" تعرفنا عليهما في سن السابعة أو الثامنة وكنا في نفس العمر تقريبا، لعبنا معا الكرة في الشوارع نهارا أمام البناية التي نقيم فيها، وبقية الألعاب الأخرى مساء، "مساكة الملك"، "كهربا"، "استغماية"، "بنك الحظ"، "السبع طوبات"، وغيرها كثيييير من الألعاب التي يعرفها الأطفال جيدا، كنت أحرص على ضرورة اللعب مهما كانت العوائق، فإذا لم يتوفر لي ملابس للعب لعبت بالملابس الرسمية، وأحيانا بملابس لا تصلح للعب أساسا كالجلباب، لعبت حتى حافيا! ما كنت أدخل البيت إلا مساء مباشرة إلى الحمام لإزالة آثار اللعب العميقة من على جسدي المتهالك.