طلب حارس الأمن من السيارات المنتظرة
أمام البوابة مغادرة المكان تحسبا لأي تصرفات غير محسوبة قد تصدر عن أهل المتوفي،
وفي الداخل ذاع خبر أن سبب الإصابة الذي أدى للوفاة هو حادث دراجة بخارية.
القصة بدأت بحدوث هرج شديد في قسم
الطوارئ بأحد المراكز العلاجية الكبرى، ولم تمض لحظات حتى اخترق سرير متحرك فناء
الطوارئ مصحوبا بعدد من الشباب يدفعونه مهرولين باحثين عن الاتجاه المفترض أن
يسيروا فيه، فتارة توجههم ممرضة للدخول في إحدى الغرف الملحقة بالطوارئ، وتارة
أخرى يوجههم آخر إلى ممر في آخر الفناء، ثم يقابلهم أحد الأطباء ليعود بهم من جديد
صوب غرفة أخرى، وهكذا...
كان واضحا أنه لا يوجد هناك من يعرف
بالضبط المكان المفترض التوجه إليه، وربما لم يكن هناك من يعرف ما يجب عمله أساسا!
ويبدو أن أحد المصاحبين للحالة قد
انتبه لذلك فلم يتمالك اتزانه وصرخ في وجه العاملين: "انتو مش عارفين
شغلكم؟"
معذورون، فالحالة صعبة.
على السرير كان يرقد الشاب فاقدا
للوعي تماما، وقد اختفت ملامح وجهه تحت سيل الدماء الذي يتفجر من رأسه المفتوحة،
ليس جرحا عاديا، بل يبدو أن هناك إصابة كبيرة تركت فجوة في رأسه نتج عنها تهشم
لعظام الجمجمة في خليط مخيف من الدماء والعظام و...
كان ينزف من كل فتحات رأسه بصورة
تقتلع القلوب (الطبيعية).
لم يمض وقت طويل حتى استقر السرير
المتحرك أخيرا وعليه الشاب المصاب في أحد الغرف ولحقه عدد من الأطباء والممرضات،
وهناك على المكتب الأمامي للاستقبال جلست ممرضة شابة تتناول أطراف الحديث مع أحد
العاملين بصورة مائعة، ثم انصرفت لتبحث عن شيء تأكله!
مضت دقائق، ليعرف الجميع بعدها أن ذلك
الشاب المصاب قد فارق الحياة، لتبدأ بعدها مرحلة أخرى من البكاء والنحيب من رفاقه
الذين اصطحبوه للمستشفى.
خيمت حالة من اللامبالاة على معظم
العاملين، فيما بدا أنهم معتادون على مقابلة حالات كثيرة من هذا النوع، وبدأ رفاق
الشاب المتوفي في الخروج تدريجيا حتى خلا فناء الطوارئ تماما منهم.
عندها، دار حوار قصير بين ممرضة من
الممرضات الكبيرة وبين رجل من أهالي أحد المرضى الذين تصادف وجودهم أثناء ترديد
الممرضة الكبيرة لعبارة "يستاهل، عشان أهله ماعرفوش يربوه":
-
الرجل: أنا لا اصدق ما أسمعه!!!،ما هذا الهراء الذي تقولينه؟
-
الممرضة (بكل ثقة): نعم، يستحق ما أصابه، ما دام أهله لم يحسنوا
تربيته.
-
الرجل وقد احمر وجهه: لا يمكن أن تكوني في وعيك، لقد مات، هل تفهمين؟
مات، أي جرم قد ارتكبه هذا الشاب ليستحق الموت عقابا له على ذلك؟
-
الممرضة: إنه شاب منفلت، ركب دراجته البخارية وأخذ يلهو بها في
الشوارع معرضا حياته للخطر، فمات، وهذه هي النتيجة التي يستحقها هو وأهله كنتيجة
لسوء تربيته.
لم يصل الحوار بينهما إلى نتيجة، حيث
ظل كل منهما على رأيه، الرجل مصمم على الاستنكار، والمرضة الكبيرة مصممة على رأيها
أن الشاب المتوفي "يستاهل"!
وفيما بدا أن حجم الفجوة في الحوار
الذي دار بين ذلك الرجل مع تلك الممرضة كان أكبر من حجم الألم الذي شعر به الشاب
المتوفي لحظة سقوطه من على الدراجة البخارية، فقد كان من المؤكد أن تلك الفجوة في
الحوار بينهما كانت أكبر وأكثر اتساعا من الفجوة التي كانت في رأس الشاب
المتوفي...
بكثير!
#بلاعة_المجاري
#أي_تشابه_بين_أحداث_القصة_وبين_الواقع_غير_متعمد
#حدث_بالفعل_في_مكان_ما_في_المجرة
حمداً لله على سلامتك يا كبير
ReplyDeleteوحشتنا تدويناتك والله
وأنا مع الرجل جداً
ولكن لا يمنع أنه فعلا يوجد من يسعى للموت سعياً بل ويستحقه!!
الله يسلمك ويحفظك.
Deleteأدهشني تعليقك الأخير، حيث أنه يتعارض مع نصين صريحين من الكتاب والسنة، ففي القرءان الكريم هناك آية "ولا تزر وازرة وزر أخرى" وهناك آية " لا يجرمنكم شنئان قومٍ على ألا تعدلوا"، وفي السنة هناك حديث في البخاري أنه مرت جنازة بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه، فقام لها، فقال له أصحابه أن الجنازة ليهودي، فقا ل لهم: "أليست نفسا" في تعظيم أمر الموت.
وهذه التدوينة لتأكيد المعاني السابقة، حيث أنه لا يوجد هناك ذنب يرتكبه أحد من الناس يستحق الموت بسببه إلا ما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك للجماعة".
وفي جميع الحالات لا يجوز الشماتة في الميت حتى ولو كان قاتلا لنفسه، فللموت حرمة.
تقبل تحياتي.
هل سهم الباحة نقي
ReplyDelete