Sunday, June 19, 2011

الشهيد



هذه قصيدة للشاعر الفلسطيني "عبدالرحيم محمود" كتبها في الثلاثينيات من القرن العشرين، قبل أن يستشهد بعشرة أعوام، كنت قد درستها وأنا في مراحل التعليم الإعدادي، وظل الكثير من كلماتها منقوشا في ذاكرتي، أتشرف بوجودها في مدونتي، وأتمنى ألا يستثقل أحد كلماتها، فهي من أروع القصائد التي قرأتها، وهذه شهادة من كاتب شعر لقصيدة.

سأحمل روحي على راحتي وأُلقي بها في مَهَاوي الرَّدَى
فإمّا حياةٌ تسُرُّ الصديقَ وإمّا مماتٌ يَغيظُ العِدَا
ونفسُ الشريف لها غايتانِ وُرودُ المنايا ونَيْلُ المنى
وما العيشُ؟ لاعِشتُ إن لم أكن مَخُوفَ الجَنَاب حَرَامَ الحِمَى
إذا قلتُ أَصْغى لِيَ العَالَمون ودوّى مقاليَ بينَ الوَرَى
لعمرُكَ إنّي أَرى مَصْرَعِي ولكن أَغُذُّ إِلَيهِ الخُطَى
أَرَى مَصْرَعي دُونَ حَقِّي السَّلِيبَ ودُونَ بِلادِي هُوَ المُبْتَغَى
يَلَذُّ لأذُنِي سَمَاعُ الصَّلِيلِ وَيُبْهِجُ نفسي مَسِيلُ الدِّمَا
وَجِسْمٌ تَجَندّلَ في الصَّحْصَحَانِ تَنَاوَشُهُ جَارِحَاتُ الفَلا
فَمِنهُ نَصِيبٌ لِأُسْدِ السَّمَاءِ ومنهُ نَصِيبٌ لِأُسْدِ الشَّرَى
كَسَا دَمَهُ الأرْضَ بالأُرْجُوَانِ وأَثقلَ بِالعِطْرِ رِيحَ الصَّبَا
وعُفِّرَ مِنْهُ بَهِيُّ الجَبِينِ وَلكِنْ عُفَارٌ يزيدُ البَهَا
وبَانَ على شَفَتَيْهِ ابتِسَامٌ مَعَانِيهِ هُزْءٌ بِهذِي الدُّنَا
ونَامَ لِيَحْلُمَ حُلْمَ الخُلودِ ويَهْنَأَ فيهِ بِأَحْلَى الرُّؤَى
لَعَمْرِكَ هذا مَمَاتُ الرِّجَالِ ومَنْ رَامَ مَوتاً شَريفاً فَذَا
فكيْفَ اصْطِبَارِي لِكَيْدِ الحَقُودِ وَكَيفَ احْتِمَالي لِسَوْمِ الأذَى
أَخَوْفاً وعِنْدِي تَهُونُ الحَيَاةِ وَذُلاًّ وإنّي لَرَبُّ الإِبَا
بِقَلْبِي سَأَرْمِي وُجُوهَ العُدَاةِ فَقَلْبِي حَديدٌ وناري لَظَى
وَأَحْمي حِياضِي بِحَدِّ الحُسَامِ فيَعلَمُ قَومِيَ أنِّي الفَتَى

Friday, June 17, 2011

سويسرا ثالث مرة - 3

كنت أظن في بداية كتابتي لهذه السلسلة أنني سأتطرق لوصف الكثير من المعالم والأماكن الجميلة التي قمت بزيارتها خلال رحلتي الأخيرة لسويسرا، ولكنني شيئا فشيئا وجدتني أتطرق للحديث عن مواقف خاصة قابلتني وملاحظات سجلتها على بعض الناس والتصرفات والمواقف، وأشعر بأنني أتجنب وصف الأماكن وروعتها وجمالها، وربما يعود ذلك إلى اهتمامي بالتطور الحضاري الذي وصل إليه هؤلاء القوم وتسجيلي للكثير من الإيجابيات والسلبيات التي تنتشر في بلادهم.
واليوم أتحدث عن الأكل والشرب في بلادهم، وأول ما أتطرق إليه في هذا اليوم هو قانون لديهم بتحريم ذبح المواشي، هذا القانون الذي أظنه ساريا ومنتشرا في كل البلاد الأوروبية، وهذا القانون يفرض على من يريد إزهاق روح أي حيوان أن يستخدم أي طريقة للقتل فيما عدا الذبح وفقا للشريعة الإسلامية!! وهذا القانون صادر عن اعتقاد من أبناء هذه البلاد وبضغوط ممن يطلق عليهم جمعيات الرفق بالحيوان، حيث يعتقد هؤلاء أن الذبح وإسالة الدماء من عروق الرقبة الأمامية كما يأمرنا ديننا الإسلامي يعتبر تعذيبا للحيوان، فيما تخلو وسائل القتل الأخرى كالصعق بالكهرباء أو الضرب بالرصاص أو حتى الذبح من مؤخرة الرقبة من التعذيب وفقا لرؤيتهم، أو على الأقل يعتبرون هذه الوسائل أقل تعذيبا للحيوان المقتول مقارنة بذبحه وفقا للشريعة الإسلامية!!!!

Friday, June 10, 2011

بتاع الفول

هذه أربع قصص خيالية لحال سوق العمل في مصر والبلدان العربية للأسف، لا أظن أنها بعيدة عن ما يتعرض له الكثير ممن أعرفهم في أعمالهم، وأترك للقارئ رسم ما يريد من أفكار إذا أراد أن يكمل هو بمعرفته أيا من هذه القصص، حيث تنتهي كل قصة عند النقطة التي أصل فيها إلى هدفها الرئيسي.
الأول: رجل متخصص في عمل سندوتشات الفول، بالمصري بتاع فول، لديه خبرة كبيرة في عمل السندوتشات المطابقة للمواصفات المصرية والاسكندرانية والصعيدية السوهاجية منها والفيومية، وكالعادة لا يحصل من عمله هذا على ما يسد احتياجاته الأساسية، لا سيما وقد رزقه الله بعدد وافر من الأطفال، وذات يوم جاءه رجل متخصص مواسير ووصلات مياه وصرف صحي، بالمصري سباك، فقال له "عندي لك شغلانة سقع ح تكسب منها ذهب، تشتغل معايا سباك" فأخذ بتاع الفول يفكر ويفكر، وقرر بعد طول تفكير أن يهجر مهنته التي تربى عليها وكد فيها ولحم أكتافه هو وعياله منها طوال سنين طويلة ليعمل سباك عند الرجل صاحب العرض. انتهى
الثاني: رجل له نفس قصة الرجل الأول بتاع الفول، وله نفس التاريخ في هذه المهنة تماما مثل صاحبنا في القصة الأولى، وجاءه رجل سباك بنفس مواصفات السباك الأول، ولكنه قال له: "ما رأيك أن تترك المكان الذي تعمل فيه وتأتي لتعمل عندي، أنا عندي مطعم فول جديد وأريدك أن تتولى مهمة كبير الصنايعية في المطعم بضعف المرتب الذي تتقاضاه حاليا"، فأخذ بتاع الفول يفكر ويفكر، فقرر بعد طول تفكير أن يترك مكان عمله ويلتحق بالعمل الجديد، ليتفاجأ بأنه يعمل سباكا وليس بتاع فول ولا كبير صنايعية ولا حتى صبي، فالسباك ضحك عليه وجعله يترك عمله ليصبح بين ليلة وضحاها صاحب مهنة جديدة تماما غير التي يتقنها، ولكنه صار يتقاضى ضعف المرتب الذي كان يتقاضاه من عمله الأول. انتهى

Wednesday, June 8, 2011

"لماذا تمشي حافيا"



يحكى أنه كان هناك غابة يعيش فيها عدد من الحيوانات، وكان يحكم هذه الغابة أسد ويتولى نمر منصب الوزير والقائم على الأمور التنفيذية واللازم منه في الغابة، وكان من بين الحيوانات التي تعيش في تلك الغابة أرنب، ولم تكن العلاقة بين النمر وهذا الأرنب على ما يرام، وسعى النمر عدة مرات لطرد هذا الأرنب من الغابة بدون جدوى، وذلك راجع بالأساس إلى تميز الأرنب بذكاء ونباهة عالية، وتميز النمر بغباء ومحدودية وسطحية في التفكير لا يقارن بها أحد في الغابة!
ولم يستطع النمر أن يتغلب على كرهه وبغضه الشديد لذلك الأرنب، ولم تفلح جلسات الصلح وتقريب وجهات النظر بينهما، ويوما وراء يوم كان النمر يحاول تصيد الأخطاء للأرنب، والأرنب يحاول تجنب أي تصرف يمكن أن يوقعه تحت قبضة النمر المتسلط، ويحاول قطع الطرق عليه ويسد عليه كل الذرائع والحجج التي قد تتيح له مهاجمته.
وحدث أن النمر قد هداه تفكيره إلى افتكاس حجة جديدة لا يستطيع الأرنب أن يفلت منها، وقرر على الفور تنفيذها، وأخذ يبحث عن الأرنب المتعوس حتى عثر عليه واستوقفه وسأله: "لماذا تمشي حافيا؟" فانفرج فم الأرنب وتباعد فكه الأسفل عن فكه الأعلى وشخص بصره في ذهول ولم يستطع الإجابة على هذا السؤال العجيب! فما كان من النمر إلى أن هوى بيده على مؤخرة رقبة الأرنب وردد بصوت مرتفع: "ألا تسمعني؟ لماذا تمشي حافيا؟" ولم يستطع الأرنب المسكين أن يفيق من صدمة ذلك السؤال، فكل من بالغابة من حيوانات يمشي حافيا ولا يرتدي شيئا في قدميه!، فإذا بالنمر يوجه ركلة عنيفة بقدمه إلى مؤخرة الأرنب يدفعه بها مترين إلى الأمام وهو يتمتم: "إذا تكرر هذا الموقف منك مرة أخرى فلا تلومن إلا نفسك!!"

Saturday, June 4, 2011

"أين سوريا"

مر على آخر قصيدة كتبتها سنوات كثيرة، ولا أدري ما هو السبب، واليوم، ها أنا أقوم بنشر قصيدة جديدة لي، وللمرة الأولى أضع قصيدة من تأليفي على الإنترنت، وما زالت خبرتي متواضعة جدا في مجال النشر على الإنترنت، فأرجو أن أنجح في تنمية قدراتي في هذا المجال ومرحبا بأي مساعدة من أي صديق.
وكما تعودت سابقا، قبل أن أقدم أي قصيدة أسبقها بمقدمة صغيرة:

مقدمة:
قبل أن أقدم لكم هذه الأبيات التي كتبتها تعبيرا عما تعانيه سوريا الحبيبة من مواقف عصيبة، أراني منحازا لذكر بيتين من الشعر لأساتذتي، الأول لأمير الشعراء من قصيدته عن دمشق:
سلام من صبا بردى أرق                   ودمع لا يكفكف يا دمشق
فكم أجد لهذا البيت صدى في نفسي يجبرني أن أقدمه على ما كتبت من أبيات، وكيف لا وهو صادر عن عملاق الشعر العربي في العصر الحديث، وأما البيت الثاني، فهو أشهر بيت شعر يتم تداوله حاليا في العالم العربي، للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي، ولكن بعد أن قمت بتعديل أخر كلمة في البيت لتتناسب مع الواقع:
إذا الشعب يوما أراد الحياة                  فلابد أن يستجيب البقر
وتحية واجبة لشهداء سوريا الحبيبة، وإلى ما كتبت من أبيات علها تلقى الاستحسان:

أينَ سُوريا؟ يا رفاقُ أَتَسأَلوني؟            هل أَفَقْتُم؟ أين أنتم من قُرونِ؟