Thursday, November 29, 2012

في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

مد يديه اللتين لوحتهما أشعة الشمس الحارقة إلى السماء برفق، ثم تبعهما برأسه، ولو كان هناك جزء آخر في جسده يمكن أن يرفعه إلى السماء لفعل، ولكن لا شيء سوى اليدين والرأس.
كانت يداه ترتعشان بشدة، وكانت الدموع تحفر على خديه خطوطا سمراء من شدة حرقتها، ولم يكن يبالي بأن يمسحها.
تلعثم لسانه حين أراد أن يبدأ في الدعاء.
بأي شيء يبدأ؟
يدعو لنفسه؟ أم لأولاده؟ أم لوطنه؟ أم لدينه؟
هل يستهل دعاءه بالتسبيح والحمد والثناء على خالقه العظيم؟
هل يستحضر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
ياااااه!!
ذاك كثير وكثير جدا...
عليه أن يقطع كل تلك المسافات قبل أن يصل إلى اللحظة التي يبدأ فيها الدعاء بما يريد.
لقد ضاقت عليه الدنيا، واشتد الكرب، وما عادت السماء تمطر ذهبا، والمسؤوليات عليه كبيرة، ولا يبدو في الأفق أن هناك انفراج في أحوال البلد!
تردد قليلا، فقد صار لا يطيق، لا يطيق!
فجأة...
تذكر آية من كتاب الله تعالى، وحديث من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم...
 
"وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ، أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ، فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونْ".
 
"سأل أبيُّ بن كعب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاتِي؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَا شِئْتَ" . قُلْتُ: الرُّبُعَ. قَالَ:"مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: الثُّلُثَ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " قُلْتُ: النِّصْفَ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: الثُّلُثَيْنِ. قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ". قُلْتُ: أَجْعَلُ صَلاتِي كُلَّهَا. قَالَ: "تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ".
 
اللهم صلِّ على محمدٍ في الأولين، وصلِّ على محمدٍ في الآخِرين، وصلِّ على محمدٍ في كل وقتٍ وحين، وصلِّ على محمدٍ في الملأِ الأعلى إلى يوم الدين، اللهم صلِّ على محمدٍ عدد ورق الأشجار وعدد قطر البحار والأنهار، وعدد ما طلع عليه الليل والنهار، اللهم صلِّ على محمدٍ صلاةً تُرضيك وتُرضيه عنا، صلاةً تكشف بها كربنا وتفرِّج بها همنا وترحمنا وتكفينا بها ووالدينا من كل مكروه وسوء، اللهم أوردنا حوضه، واكتب لنا شفاعته يوم الدين...
آمين~~

Tuesday, November 6, 2012

عرش المرسيدس

هذه القصة كنت قد قرأتها في أحد المجلات الخليجية في فترة منتصف التسعينات، ولا أدري مدى صحتها ولكني أظن من شواهد الأحداث أنها صحيحة...
أجرت إحدى القنوات التلفزيونية العالمية الكبرى في مطلع النصف الثاني من ثمانينات القرن العشرين لقاء مع رئيس مجلس إدارة شركة مرسيدس - بنز الألمانية المشهورة بإنتاج السيارات الفارهة ذائعة الصيت، وقد تميز هذا اللقاء بنوع من أنواع الفخر والتباهي من رئيس الشركة الألمانية الشهيرة، لدرجة أن مقدم البرنامج سأله سؤال حول ما إذا كان هناك احتمال أن يقترب أحد المنافسين من منازعة شركة مرسيدس على عرش صناعة السيارات الفارهة في العالم، لا سيما بعد أن نجح المارد الياباني في اجتياح العالم بصناعة سيارات تتميز بالتكلفة المنخفضة وتوفر قدر معقول من الكماليات التي ترضي المستهلك، فكان جواب رئيس شركة مرسيدس متسما بالثقة المفرطة، حيث أكد أن عرش السيارات الفارهة لا يمكن أن يقترب منه أحد، وأن شركته تغرد منفردة على هذا العرش، وسيظل الحال كذلك، ولن تستطيع أي شركة في العالم أن تقترب من هذا العرش مهما حاولوا، يكفيهم أن يلعبوا في سوق السيارات الأقل رفاهية، أما عرش المرسيدس، فلا!
تذكر المجلة أنه ولسوء حظ شركة مرسيدس، فقد تابع اللقاء أحد الشخصيات الذي لم يعجبه كلام رئيس شركة مرسيدس، ولم تعجبه تلك الثقة المفرطة التي وصلت لحد الاستهانة بالمنافسين وأنهم لن يستطيعوا أن يقتربوا من عرش المرسيدس.
كان هذا الرجل هو رئيس مجلس إدارة شركة تويوتا اليابانية.
في اليوم التالي، قام رئيس مجلس إدارة شركة تويوتا بالدعوة لعقد اجتماع موسع لكبار قيادات الشركة اليابانية العملاقة، تم من خلاله وضع خطة عمل لمشروع ضخم.
الهدف النهائي لهذا المشروع هو أن يتم إنتاج سيارة فارهة تنجح في إزاحة سيارات مرسيدس من على عرش السيارات الفارهة في العالم، وكان التحدي الأكبر الذي واجه شركة تويوتا لبلوغ هذا الهدف، هو أن اسم تويوتا في العالم يقترن بسيارات منخفضة التكلفة وأقل في الجودة من مثيلاتها الألمانية، وبالذات "مرسيدس"، مما يعتبر عائقا قويا أمام تويوتا إذا أرادت اقتحام هذا العرش بنفس العلامة التجارية "تويوتا".
اقتضت الخطوات التنفيذية لهذا المشروع عدة إجراءات، تضمنت إنشاء شركة جديدة تماما منفصلة كليا عن شركة تويوتا بمجلس إدارة منفصل وعلامة تجارية جديدة منفصلة عن تويوتا وفريق تسويق وإعلانات... إلخ، وأن يتم توفير الاعتمادات المالية وخطوط الإنتاج والعمالة الماهرة والمعدات المتقدمة بشكل منفصل تماما عن شركة تويوتا، على أن تظل تبعية هذه الشركة الجديدة لشركة تويوتا سرا لا يعلمه أحد لمدة لا تقل عن خمس سنوات من بدء طرح السيارة الجديدة في الأسواق.
وبدأ العمل تدريجيا في هذا المشروع فورا، وخلال عام تم الإعلان عن طرح السيارة "ليكزس" في الأسواق العالمية.
كانت المعلومات المتوفرة عن السيارة الجديدة، هي أنها سيارة فارهة يتم تصنيعها في اليابان، وتم ترويج عدة شائعات أن المصنع الذي ينتج هذه السيارة هو مصنع أقامته شركة مرسيدس في اليابان لإنتاج سيارة فارهة مستغلة التكلفة الصناعية المنخفضة والتكنولوجيا المتطورة التي تتوفر في اليابان، لدرجة أن سيارة ليكزس قد حصلت على لقب "المرسيدس اليابانية" في الأسواق.
وظل أمر تبعية هذه الشركة لشركة تويوتا سرا لمدة لا تقل عن خمس سنوات فعلا، حتى منتصف التسعينات تقريبا، ولم يتم الإعلان عن تبعية ليكزس لشركة تويوتا إلا بعد أن كان السوق العالمي قد استوعب السيارة الجديدة، وكون عنها فكرة ممتازة، نجحت إلى حد بعيد في إزاحة السيارة الألمانية الفارهة عن عرشها العالمي.
ربما لا يعرف الكثير من المصريين عن السيارة "ليكزس"، لذلك أكتفي بالقول أنها فعلا سيارة نجحت في مزاحمة مرسيدس على عرش السيارات الفارهة على مستوى العالم.
 

Saturday, November 3, 2012

من يوميات مسافر.. جامع عمرو

جامع عمرو بن العاص بمئذنته الصغيرة تعانق الآفاق
أصطحبكم اليوم في رحلة داخل حدود مصر، في قلب القاهرة الفاطمية، إنها رحلة قلبية قبل أن تكون مكانية، إلى جامع عمرو بن العاص.
ربما نعرف جميعا أنه أول مسجد بني في مصر، ربما يعرف الكثير منا أنه أكبر المساجد في مصر، ولكن قليلون هم من يعرفون قيمة هذا المسجد الذي انطلق منه الإسلام إلى كل إفريقيا ومعظم أوروبا.
أقام سيدنا عمرو بن العاص هذا المسجد لأول مرة في نفس المكان المقام عليه حاليا وهو محل خيمته التي نصبها في مدينة الفسطاط، وكان هدفه من إنشائه هو أن يكون مكانا يستوعب جيش الفتح لأداء الصلاة وإقامة دروس العلم وليكون منارة ينطلق منها الإسلام إلى القارة الإفريقية كلها، وكان ذلك في بلد لم يكن يعرف شيئا عن الإسلام، وهنا وقفة مهمة للتدبر، فقد أقام عمرو بن العاص مسجدا ضخما وكبيرا في بلد ليس فيه إسلام في ذلك الوقت، وها هو اليوم قد صار بمساحته الهائلة يضيق على المصلين فيه من المسلمين بسبب كثرة عددهم، وهو درس عظيم لمن أراد أن يتجاوز ببصره ليعرف إلى أين يمكن أن يبلغ صدى دعوته، وليدرك أن ما علينا إلا الأذان، وعلى الله التبليغ!