
ولم يستطع النمر أن يتغلب على كرهه وبغضه الشديد لذلك الأرنب، ولم تفلح جلسات الصلح وتقريب وجهات النظر بينهما، ويوما وراء يوم كان النمر يحاول تصيد الأخطاء للأرنب، والأرنب يحاول تجنب أي تصرف يمكن أن يوقعه تحت قبضة النمر المتسلط، ويحاول قطع الطرق عليه ويسد عليه كل الذرائع والحجج التي قد تتيح له مهاجمته.
وحدث أن النمر قد هداه تفكيره إلى افتكاس حجة جديدة لا يستطيع الأرنب أن يفلت منها، وقرر على الفور تنفيذها، وأخذ يبحث عن الأرنب المتعوس حتى عثر عليه واستوقفه وسأله: "لماذا تمشي حافيا؟" فانفرج فم الأرنب وتباعد فكه الأسفل عن فكه الأعلى وشخص بصره في ذهول ولم يستطع الإجابة على هذا السؤال العجيب! فما كان من النمر إلى أن هوى بيده على مؤخرة رقبة الأرنب وردد بصوت مرتفع: "ألا تسمعني؟ لماذا تمشي حافيا؟" ولم يستطع الأرنب المسكين أن يفيق من صدمة ذلك السؤال، فكل من بالغابة من حيوانات يمشي حافيا ولا يرتدي شيئا في قدميه!، فإذا بالنمر يوجه ركلة عنيفة بقدمه إلى مؤخرة الأرنب يدفعه بها مترين إلى الأمام وهو يتمتم: "إذا تكرر هذا الموقف منك مرة أخرى فلا تلومن إلا نفسك!!"
وبعد أن أفاق الأرنب من ذهوله، أطرق قليلا وقرر أن يعترض على ما فعله النمر معه إذا قابله مرة أخرى، ومر يوم أو يومين، وتقابل النمر والأرنب صدفة في الغابة، وقبل أن يحصل الأرنب على أية فرصة في تحريك لسانه والنطق بأي حرف كان كل شيء قد انتهى، بنفس سيناريو العلقة السابقة، ولا كف زاد ولا ركلة نقصت، وانصرف النمر بعدها وهو يتمتم بنفس الكلمات، وتكررت نفس الحادثة عدة مرات خلال فترة وجيزة، وبات واضحا أن النمر قد وجد الوسيلة المثلى كي يهبب عيشة الأرنب ويجبره على ترك الغابة!
وبعد حين، قرر الأرنب أن يذهب إلى الأسد ويشتكي تصرف النمر معه لملك الغابة، وكيف أنه يسأله في كل مرة يقابله فيها "لماذا أمشي حافيا؟" مع أن جميع الحيوانات في الغابة لا ترتدي شيئا في رجلها، فأنصت الأسد جيدا لشكوى الأرنب، ووعده بأن يدرس شكواه ويتخذ الإجراء المناسب مع النمر، وذلك بعد أن قام الأسد بالتأكيد للأرنب أنه لا يرضيه هذا التصرف من النمر، فانصرف الأرنب من عند الأسد معتقدا أن النمر لن يجرؤ على تكرار تصرفه مرة أخرى.

قصة قرأتها منذ زمن ولا أذكر مصدرها
بهاء طلعت
8/6/2011
No comments:
Post a Comment
أسعدني تشريفك، وبلا شك سيسعدني أكثر تعليقك، فلا تبخل به:)