اليوم أبدأ الكلام عن إقامتنا وتنقلاتنا في سويسرا، والتي عادة ما تأخذ شكلا نمطيا تكرر على مدار زياراتي الثلاثة إلى هذا البلد، وسأحاول أن أسجل الكثير عن ما شاهدته وتابعته من اللطائف والمواقف والأماكن والمناظر الجميلة التي تقابلنا في رحلاتنا عادة.
تهبط بنا طائرة الخطوط الجوية السويسرية (سويس أير) دائما في السابعة مساء في مطار زيوريخ، وفي جميع الرحلات يكون على الطائرة اجتياز كتلة كثيفة من السحب التي تغطي مطار زيوريخ الدولي، وعادة ما يصاحب اختراق الطائرة لهذه الكتل كمية من الاهتزازات العنيفة للطائرة تضطرب معها البطون وتتهاوى معها القلوب استجابة لما تتعرض له الطائرة من صعود وهبوط، حتى أنني أتخيل أنها ستكون النهاية، ولكن يكتب الله لي النجاة في كل مرة، لتهبط الطائرة على أرضية المطار المحاطة بالحشائش الخضراء والجبال من كل ناحية، وننزل من الطائرة في مطار زيوريخ ليقابلنا رجال الأمن، ولا أدري لماذا أشعر بأنهم يتوقفون طويلا أمام نوعين من الهويات، النوع الأول هو من تكون هذه هي زيارته الأولى لسويسرا أو الاتحاد الأوروبي، والنوع الثاني هو من يحمل جنسية مصرية!!
تهبط بنا طائرة الخطوط الجوية السويسرية (سويس أير) دائما في السابعة مساء في مطار زيوريخ، وفي جميع الرحلات يكون على الطائرة اجتياز كتلة كثيفة من السحب التي تغطي مطار زيوريخ الدولي، وعادة ما يصاحب اختراق الطائرة لهذه الكتل كمية من الاهتزازات العنيفة للطائرة تضطرب معها البطون وتتهاوى معها القلوب استجابة لما تتعرض له الطائرة من صعود وهبوط، حتى أنني أتخيل أنها ستكون النهاية، ولكن يكتب الله لي النجاة في كل مرة، لتهبط الطائرة على أرضية المطار المحاطة بالحشائش الخضراء والجبال من كل ناحية، وننزل من الطائرة في مطار زيوريخ ليقابلنا رجال الأمن، ولا أدري لماذا أشعر بأنهم يتوقفون طويلا أمام نوعين من الهويات، النوع الأول هو من تكون هذه هي زيارته الأولى لسويسرا أو الاتحاد الأوروبي، والنوع الثاني هو من يحمل جنسية مصرية!!
صورة من كاميرا موبايل صديقي مهندس/ أحمد قبل الهبوط في مطار زيوريخ بدقائق
ننتقل بسهولة بعد ذلك وسرعة عبر مترو أنفاق مطار زيوريخ ونحمل حقائبنا ونستعد لمغادرة المطار ليبدأ هاجس جديد، فالمفترض أن يكون السيد/ ماتياس في انتظارنا أمام بوابة المطار، وتبدأ الأفكار السيئة تراودني "ماذا لو لم يأتي لأي سبب كان؟" وعلى الرغم من أن ذلك لم يحدث أبدا، وعلى الرغم من أنني صرت على دراية كاملة بكيفية التنقل داخل سويسرا، فالشيطان لابد أن يكون له دور في كل شيء عليه لعنة الله!! وما هي إلا دقائق حتى نجد السيد/ ماتياس الذي يستقبلنا عادة بشيء من الهدوء النمساوي مقارنة بحفاوة الاستقبال التي نعتادها في بلداننا العربية، وما أن نقابله حتى يصحبنا إلى سيارته الموجودة في إحدى الطوابق بالمطار، ونستقل تلك السيارة الرائعة داخل شوارع زيوريخ لنخرج من المدينة متوجهين إلى الشرق صوب مقاطعة سانت جالين ومدينة بوكس في رحلة نقطع فيها حوالي مائة وخمسين كيلومترا في حوالي ساعة ونصف إلى ساعتين.
فندق بوكسرهوف، الفندق الأكبر والأشهر في مدينة بوكس، يقع على بعد أقل من مائة متر من محطة قطار مدينة بوكس، أقمنا فيه على مدار ثلاث زيارات متتالية لسويسرا، ولمعرفتنا به قصة منذ أول زيارة لي، حيث كانت إقامتنا في الزيارة الأولى مع المهندس/ طارق في فندق يدعى "شلوسلي ساكس" وكان هذا الفندق يقع في منطقة ريفية شبه منعزلة وتحيط به الجبال والمراعي الخضراء من كل جانب والمناظر الطبيعية الساحرة كانت تأسرني كل صباح ومساء حينما أطل من شرفة ذلك الفندق، بالإضافة إلى المبنى الكلاسيكي الخشبي المتواضع الذي يحتضن ذلك الفندق، وحقا فقد كنت أستمتع بإقامتي فيه، غير أن المهندس/ طارق لم يكن معجبا بالفندق بسبب ابتعاده عن مراكز التسوق الموجودة في بوكس وغيرها، وكان يمطرني يوميا بسيل من التهكمات على ذوقي واختياري الذي كنت مصمما عليه نوعا ما، وظل الأمر معلقا إلى أن حضر رفيقنا الثالث في تلك الزيارة الأستاذ/ هاني ليرجح كفة الرأي المنادي بضرورة انتقالنا إلى فندق آخر في بوكس فكان الانتقال إلى بوكسرهوف.
صورتي أمام مدخل الفندق وصورة غرفتي من الداخل
وبعيدا عن المناظر الجبلية والطبيعة الساحرة، فإن بوكسرهوف يقع في منطقة حضرية على ناصية شارع تجاري كبير، وتديره أسرة صغيرة مكونة من رجل وزوجته، الرجل مسئول عن المطبخ والزوجة مسئولة علن إدارة الفندق!!! طبعا على العكس من عادتنا في المجتمعات الشرقية تماما، وهم يتميزون بقدر كبير من الود والبساطة على الرغم من ذلك القدر من هدوء العواطف الذي أشعر به كسمة أساسية في هؤلاء القوم.
نصل فندق بوكسرهوف قادمين من المطار عادة المساء بين التاسعة والتاسعة والنصف، وما أن نصل حتى نصعد إلى الغرف ونبدأ في البحث عن اتجاه القبلة لأداء الصلاة، وعادة فإني أكون أكثر خبرة وألفة بالمكان بحكم تكرار زيارتي له من أي من زملائي المرافقين في البداية، غير أني أشعر أنهم ما يلبثوا أن يصبحوا أكثر مني ألفة بالمكان بعد فترة وجيزة!!
في الصباح يكون الاستيقاظ صعبا في السادسة صباحا، ونحصل على فطورنا في قاعة الطعام الموجودة بالأسفل في الفندق، والإفطار هو الوجبة الوحيدة التي يمكننا تناولها بمنتهى الحرية والاختيار بين كل المعروض من أصناف الطعام بدون خوف من أن يخالطها أيا من المحرمات، فالجبن الأصفر والمربى والشوكولاتة السائلة والخبز بالمكسرات مع قليل من سلطة الفواكه وفنجان شاي بالحليب يعتبر إفطارا مثاليا رائعا، وتعتبر أسعد وجبة نتناولها طوال اليوم، لا سيما مع الود والتعامل الراقي والمميز من القائمين على خدمة النزلاء بالفندق!!!! وبعد أن ننتهي من إفطارنا متأخرين عادة نجد السيد/ ماتياس بانتظارنا أمام الفندق، وسبب التأخير يتغير في كل زيارة، فالزيارة الأولى مع المهندس/ طارق كنت أنا المصدر الأساسي للتأخير، وفي الزيارة الثالثة كان المهندس/ أحمد سالمان هو سبب التأخير، بينما كنت أشترك أنا والمهندس/ وليد في سبب التأخير في الزيارة الثانية عادة!!
وما أجمل أن تنطلق بك السيارة من مدينة بوكس عبر المراعي الخضراء والجبال إلى قرية جامز التي يوجد بها المصنع محل العمل، حيث أن الطريق تطل عليه قمم شاهقة من الجبال المغطاة بالمراعي الخضراء وتغطي قممها الثلوج الناصعة المختبئة في أحضان السحب البيضاء والداكنة في تناغم رائع بين الخضرة والثلوج والسحب والمنحدرات الجبلية، فتشق السيارة طريقها وسط تلك المناظر الطبيعية كل يوم صباحا ومساء في رحلة خلوية مدتها حوالي نصف ساعة من المتعة، ولا يكدرها عادة سوى الاستيقاظ مبكرا في رحلة الذهاب صباحا، والإحساس بالإرهاق بعد العمل في رحلة العودة مساء.
في الطريق بين بوكس وجامز
ونظرا لضيق فترة الزيارة وازدحامها بالعمل، ونظرا لطبيعة تلك البلاد حيث تغلق المحلات ومراكز التسوق فيها قبل السابعة مساء، فإننا نحاول استغلال الوقت بعد العمل في الذهاب إلى أحد المراكز التجارية بهدف التسوق وإحضار بعض الهدايا للأهل، وعادة تكون وجهتنا إما مركز هاج التجاري أو الشارع التجاري في مدينة بوكس، بينما ندخر رحلة التسوق الرئيسية إلى يوم الأجازة، وهذه المرة لم يكن متاحا لنا سوى يوم أجازة وحيد، ضيعنا نصفه في النوم، حيث لم يكن صديقي المهندس/ أحمد يرغب في مغادرة سريره حتى الثانية عشر ظهرا لولا تمسكي بمحاولة النجاح في إيقاظه، لنستقل القطار بعدها باتجاه المدينة الأكثر تعلقا بقلبي في سويسرا كلها، إنها مدينة "كور"، ولهذه المدينة ذكريات كثيرة من زيارتي الأولى سوف أحاول أن أقدمها منفصلة.
والتنقل بين المدن في سويسرا له جاذبية وطعم خاص، فعادة تجد الحافلات هناك في منتهى درجات النظافة والتحضر، وهناك نوع من الحافلات ينحني مائلا حتى تقترب حافته من الأرض تسهيلا على الركاب، وداخل الحافلة يمكنك أن تجد بعض الركاب يصطحبون دراجاتهم الهوائية وبعضهم يصطحب كلابهم، وأحيانا ينزل سائق الحافلة ليساعد سيدة مسنة على الركوب او النزول بدون أي تأخير في المواعيد، حيث أن هناك موعد للوصول والمغادرة في كل محطة من محطات رحلة أي حافلة، وهناك حافلات تنقلك إلى الأماكن والمدن المجاورة في ليختنشتين أو النمسا، بدون أية مشاكل متعلقة بتصاريح دخول وخروج بين الدول!! وما ذكرته عن الحافلات يمكن القياس عليه بالنسبة للقطارات، فركوب القطارات في سويسرا يعتبر نزهة سياحية من وجهة نظري، سواء كان ذلك في الدرجة الأولى أو الثانية، وإن أردت أن أعلق على شيء هنا فهو مدى الالتزام الشديد بمواعيد المغادرة والوصول لحركة القطارات هناك لدرجة أنك يمكن أن تضبط ساعتك على تلك المواعيد!!
نصحتني صديقة ان اتعرف على باقي المدونات كي يصبح لي اصحاب مثل افكاري واخترت مدونتك لماكتبته من اثارة في دليل المدونات
ReplyDeleteبالمناسبة
كانت جولة ممتعة وانتظر جولتك في مدونتي
نور
مدونة مقهى عازبة
أشكر لك المتابعة والمرور، وأسجل إعجابي بمحتوى مدونتك.
ReplyDeleteوأشكر لدليل المدونات أن أتاح لي الفرصة لإضافة صداقات جديدة من بلاد عزيزة كالعراق