أحدهم مهتم جدا بتفاصيل كثيرة ودقيقة عن شيء ما، يتابع كل مصادر الأخبار الممكنة عن هذا الشيء محل الاهتمام.
تخيل لو أن هذا الرجل قد ذهب إلى أحد معارفه ليسأله عن معلومة متعلقة بهذا الموضوع محل الاهتمام، تخيل أن هذا الرجل الثاني أراد أن يضلله أو أن يكذب عليه!
الطريقة التقليدية والمتعارف عليها للكذب تتمثل في أن يقوم الرجل الثاني هنا بالإدلاء بمعلومات خاطئة ومضللة (وكاذبة) عن الموضوع محل الاهتمام بما يضع الرجل الأول هنا أمام كارثة إذا اعتمد على تلك المعلومات المضللة التي حصل عليها من الرجل الثاني.
هذا هو الكذب بمعناه الواضح والصريح الذي تعودناه كثيرا واستمعنا إليه عبر سنوات عمرنا الطويلة ابتداء بحكايات جدتي عن الثعلب المكار وحتى ما يتبادر إلى أسماعنا وما تطالعنا به وسائل الإعلام المختلفة من كذب وافتراء يشوه الحقائق.
غير أننا في هذه الأيام صرنا نلاحظ انتشار نوع آخر من الكذب، يمكن اعتباره تطورا طبيعيا تعرض له الكذب كنتيجة لاجتهاد شياطين الإنس والجن في مساعيهم الدائمة لتشويه الحقائق.
هذا النوع يمكن أن نطلق عليه عبارة "كذب غير مباشر" أو كما نقول في مصر "كذب بشرطة" على الرغم من أن تبعاته لا تقل خطورة عن الكذب الصريح أو "المباشر" الذي أشرت إليه.
هذا النوع يمكن أن نطلق عليه عبارة "كذب غير مباشر" أو كما نقول في مصر "كذب بشرطة" على الرغم من أن تبعاته لا تقل خطورة عن الكذب الصريح أو "المباشر" الذي أشرت إليه.
وهذا النوع من الكذب يتمثل في حجب المعلومة أو طمسها عن تعمد بما يفرغ الموضوع من عنصر مهم من عناصره، ويؤدي في النهاية كما ذكرت إلى نفس نتيجة الإدلاء بمعلومة خاطئة.
هذا النوع من "الكذب غير المباشر" تكمن خطورته في أن حقيقته تخفى على كثير من الناس، وقد يلتبس على البعض حقيقة هذا النوع من الكذب بما يصل بهم إلى أن يجردوه من صفة الكذب أساسا!
وقد شاع هذا النوع من الكذب كثيرا في وسائل الإعلام المضللة التي قد نطالعها سواء على التلفزيون أو في صفحات الجرائد، فنراهم يقلبون الحقائق عبر تعمد طمس حقائق معينة أو عبر إعطاء تلك الحقائق أهمية لا تتناسب مع أهميته الحقيقية.
إن خبرا بحجم خطورة وأهمية إلقاء قنبلة ذرية على إحدى المدن السكنية الكبيرة إن حدث يجب أن يحتل مساحة إعلامية ضخمة في جميع محطات التلفزيون ويتصدر عناوين جميع الصحف على صدر صفحاتها الأولى، ويجب أن يحصل على أكبر نسبة ممكنة من المتابعة عبر جميع وسائل الإعلام، فإذا حدث ورأينا أن إحدى الجهات قد تعمدت عدم إذاعة هذا الخبر، أو تأخرت في إذاعته بضع ساعات مراعاة لما يمكن أن يطلق عليه "ترتيبات" أو سعت لإعطائه حجما أقل مما يستحقه بأن جعلته خبرا عابرا على شريط الأخبار أو عنوانا صغيرا في صفحة داخلية بجريدة ما، فإن ذلك يعتبر كذبا، بخلاف ما يمكن أن نطلقه على مثل هذا التصرف من صفات أخرى ك "التضليل" و"خيانة آداب المهنة".
نفس الشيء ينطبق على رجال القضاء والمحاماة ممن قد يقع تحت أيديهم دلائل وشواهد في القضايا مما قد يترتب على طمسها وحجبها أن ينقلب الحق باطلا والباطل حقا، أو المعلم الذي يحجب العلم عن تلاميذه أو صاحب أي مهنة يتعمد أن يحجب المعلومات فهو "كذاب"، وقد يصل الأمر إلى أن نجد كيانات وحكومات ودول تمارس هذا النوع من الكذب بانتظام ممنهج.
وقد تتعدد الأوصاف التي تصف هذا النوع من الكذب، فنرى بعضهم يعتبره نوعا من "التضليل" وآخرين يصفوه ب "الميكيافيلية" وقد يبرره آخرون طبقا لقواعد مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، غير أنني لا أرى وصفا له أدق من صفة "الكذب"!
بل إنني أرى أن من يمارس هذا النوع من "الكذب غير المباشر" هو كاذب محترف مر على دهاليز الكذب المباشر وأتقنها ومارسها وبرع فيها حتى هداه شيطانه إلى هذا النوع الأكثر تطورا من الكذب، فهو "كذاب مع مرتبة الشرف".
يقول رسول الله صلى الله عله وسلم:
"عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا"
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
التوجيه الآعلامي
ReplyDeleteهذا مايمكن ان تطلقه علي هذا النوع من الكذب
تحيتي اخي
حقا وصدقا علينا جميعا فان فى الصدق منجاة
ReplyDeleteاحسنت فى صياغة بوستك واحسنت علينا بما سطرت
بالفعل ،
ReplyDeleteأذكر أنني أخذت عن هذا الأمر في مادةٍ " القضاي المعاصرة "
و أنّ بعضَ الاحزاب أو الهيئات تتبعُ هذا الأسلوب ..
بصراحة لا أتخيل أن أحدًا من الممكن أن يكونَ إلى تلك الدرجة من الأنانية و الاحتكار و اللامصداقية !
و يهوي بأحد إلى هاويةٍ ربما ليس لها قاع !
أفٍ لهم !
و أبعدنا الله عنهم و عن أمثالهم !
دمتَ بخير و أملْ ..
تحيآاتي لكْ ..
صديقي الغالي/ سواح في ملك الله..
ReplyDeleteنعم هو توجيه، سواء كان إعلاميا أو في أي مجال آخر، ولكنه حتما توجيه بالاتجاه الخاطئ.. وإن كان مجال الإعلام هو المجال الأبرز لمثل هذا النوع من الكذب.
تقبل تحياتي...
أستاذي الفاضل/ الفاروق...
ReplyDeleteسعدت كثيرا بتعليقك هنا، حيث حمل لي انطباع أرجو أن يكون صحيحا أنك تتمتع بصحة جيدة..
سامحني على تقصيري في زيارتي لك خلال الفترة الأخيرة.
تقبل خالص مودتي واحترامي...
الأخت العزيزة/ دعاء..
ReplyDeleteفعلا هي نماذج للأنانية والاحتكار، وللأسف فهي موجودة ومنتشرة في مجتمعنا هذه الأيام، على الرغم من أنها كذب وافتراء وتضليل، ولا تتوافق أبدا مع تعاليم ديننا الحنيف.
صدقيني أن ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع ليس فقط مجرد مشاكل الإعلام، إنما موقف صعب جدا تعرضت له أثناء رحلتي الأخيرة سأحكي لكم عنه قريبا بإذن الله.
تقبلي تحياتي...
بانتظار الموقف إذن !
ReplyDeleteبشوقٍ لرؤية مثال واقعيّ لأمثال هؤلاء ..
الأسرة المسلمة ( مازن وأحلام ) تهنئكم بعيد الفطر المبارك
ReplyDeleteتقبل الله صيامنا وصيامكم وقيامنا وقيامكم
تتقدم الأسرة المسلمة إليكم بأحر التهاني وأطيب الأماني بمناسبة
عيد الفطر المبارك
أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركة
تقبل الله منا ومنكم الطاعات وكل عام وأنتم إلى الله أقرب
رابط التهنئة الأصلي
كل سنة وانت طيب بهاء بمناسبة عيد الفطر المبارك
ReplyDeleteاعاده الله عليك وعلي اسرتك بالخير والبركة
أختي العزيزة/ دعاء..
ReplyDeleteبإذن الله سوف أكتب عن هذا الموقف قريبا جدا.
تقبلي تحياتي..
الأخوة الأعزاء/ مازن وأحلام..
ReplyDeleteتقبل الله منا جميعا صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير..
حبيبي وأخي العزيز/ خالد (سواح في ملك الله)
ReplyDeleteكل عام وأنت بألف خير وسعادة.
ReplyDeleteمدونة مميزة
كل تقدير واحترامى لكم ... :)