أعود مرة أخرى للمسار
الذي كنت قد نويت أن أسير فيه في مجموعة من التدوينات، والذي أسرد فيه شيئا عن
تنقلاتي المكانية، وذلك بعد أن انشغلت على مدى عدة تدوينات مضت في تنقلات عبر
الأحداث التي فاجأتنا، ولا أدري لماذا أشعر برغبة في نشر صوري في تلك الرحلات المكانية.
اليوم أتكلم عن الرحلة
الرائعة التي تكررت معي لأربع مرات إلى بقعة رائعة من بقاع العالم، إنها منطقة
سارجانزرلاند في سويسرا وما يجاورها من إقليم فورارلبرج النمساوي، تلك البقعة التي
تقع في واد تحيطه الجبال على منطقة الحدود السويسرية النمساوية، ذلك الوادي الذي
يعتبر مهدا لمنابع نهر الراين أهم أنهار القارة الأوروبية.
عشقت هذا المكان لحد لا
يوصف، ليس فقط بسبب الطبيعة الساحرة التي تأسر الألباب، ولكن لأشياء كثيرة وكثيرة
أخرى.
عن الطبيعة فالجبال
المكسوة بالخضرة والقمم التي لا تفقد تيجانها الثلجية صيفا ولا شتاء وتلك
المدرجات الجبلية منخفضة الانحدار والأخرى شديدة الانحدار، وجداول المياه
والبحيرات، بخلاف ذلك المسار المقدر لنهر الراين وما يحيطه من جلال ورهبة تختلط
بسحر الطبيعة وجمالها، ياااه، إنه إحساس لا يقارن ويصعب وصفه.
وكما ذكرت فإن الطبيعة
الساحرة ليست وحدها من يأسر الألباب، بل هناك نمط الحياة التي يعيشه أهل وسكان تلك
المنطقة، فهم يتميزون بقدر كبير من التحضر والرقي، يتعاملون مع الحياة ببساطة،
النظام لديهم عادة والنظافة فطرة لم يفقدوها، الجمال هناك ليس في الطبيعة وفقط، بل
في كيفية تعاملهم مع تلك الطبيعة.
كنت قد كتبت في تدوينة
قديمة أن الأبقار هناك لا يفصلها عن الطرق إلا حبل ضعيف يمكن لأي بقرة صغيرة أن
تمزقه بمجرد اقترابها بجسدها منه، يقولون أن الأبقار وهي صغيرة يجعلونها تلمس حبلا
معدنيا مكهربا، حتى تتعلم الأبقار الصغيرة عندهم عدم الاقتراب من الحبل، فتصبح تلك
عادة مكتسبة لدى الأبقار مدى حياتهم، هكذا يعلمون الأبقار، فتنطبق عليهم عبارة:
"حتى أبقارهم متعلمون".. أعزكم الله!
ركوب وسائل المواصلات
هناك متعة لا تضاهيها متعة، فالحافلات (ما نطلق عليها في مصر أتوبيس) في منتهى
النظافة والجمال، وحتى سائق الحافلة يوحي لك بمدى السعادة التي يعيشها من يعمل في
مثل تلك المهنة، وأما القطارات فهي شيء آخر تماما عما نعرفه في بلادنا من حيث
النظافة والالتزام، ويربط وسائل النقل الجماعية ميزة مهمة جدا هي أنها جميعا تلتزم
بمواعيد صارمة في الوصول والإقلاع، لدرجة أنني أحيانا عندما أكون مسافرا بالقطار
أعرف المحطة التي سأغادر فيها عندما أنظر لساعتي وأنظر لوقت الوصول الموجود على
التذكرة!
زيارة نهر الراين هي
القاسم المشترك بين كل رحلاتي إلى تلك البلاد، فهو يبعد حوالي كيلومتر عن مقر
إقامتنا في الفندق، وأهم الطقوس التي تصاحب ذهابنا إلى هناك هو الوقوف في منتصف
الكوبري الذي يربط بين دولتين أعلى نهر الراين، عند العلامة الفاصلة التي تعتبر
الحدود الرسمية بين سويسرا وليختنشتاين، هناك حيث يكون نصفك في دولة والنصف الآخر
في دولة أخرى!
تعددت زياراتي لهذا
المكان والتقطت فيه عددا من الصور التي أحتفظ لها في ذاكرتي بذكريات جميلة لا
تنسى.
والآن أترككم مع بعض
الصور التي التقطتها عبر الزيارات الثلاث الأخيرة أعوام 2011 و 2012، أما
الزيارتين الأولى والثانية واللتان كانتا في 2006 وفي 2009 فقد فقدت صورهما، ولكنني سأسعى جاهدا لاستعادتها من الأصدقاء وحينها قد أنشرها منفردة، أظن أنها ستوضح الفارق في الأشكال
والمناظر والوجوه على مدار ست سنوات.
|
فوق الطريق السريع على ضفة الراين السويسرية - أبريل 2011 |
|
فوق كوبري المشاة على الراين والخلفية لجبال الألب في النمسا - أبريل 2011 |
|
مباشرة بالقرب من الراين - أبريل 2011 |
|
أسفل العلامة الشهيرة على الكوبري الذي يربط سويسرا ب ليختنشتاين أعلى الراين - يوليو 2012 |
بالأسفل بالقرب من الراين وسط الأزهار - يوليو 2012