Monday, May 7, 2012

عند مشارق الأرض (2).. بعيون ضيقة

صورة لشروق الشمس في الأفق من شباك الطائرة

كانت الرحلة من الدوحة إلى شنغهاي على متن طائرة البوينج 777-200LR وهي طائرة بمحركين، وهي مسجلة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، حيث أنها الطائرة القادرة على الطيران لأطول مسافة بدون توقف في العالم، بالإضافة إلى أنها تحمل الرقم القياسي في القدرة على الطيران بمحرك واحد لأطول مسافة (يعني لن تقع في حالة حدوث عطل في المحرك الآخر غالبا!!)، بمعنى آخر هي طائرة المسافات الطويلة، حيث تبلغ مسافة الرحلة (وهي طبعا أطول من المسافة الفعلية) بين الدوحة وشنغهاي أكثر من سبعة آلاف كيلومتر تقطعها الطائرة في حوالي ثمان ساعات ونصف بدون توقف، آخذين في الحسبان أن اتجاه الرحلة هو عكس اتجاه دوران الأرض!
ومسافة طويلة لرحلة كهذه تنطلق في الواحدة فجرا سيكون معناها أننا سنؤدي صلاة الفجر على الطائرة، لذلك فقد حرصت على أن أتوضأ قبل الصعود للطائرة وأن أبقى مستيقظا لحين موعد صلاة الفجر، وكنت قد حرصت وأنا أحضر حقائب السفر على اصطحاب كتابي "وداعا للسيد" و "طير الرماد" لقراءتهما أثناء السفر، ووجدتني أبدأ القراءة في الكتاب الأول وأنهيه قبل موعد الصلاة بقليل، جاهدت نفسي للبقاء مستيقظا حتى بدأت ألمح ضوء الشمس في الأفق.
وأنت في الطائرة، تكون على مسافة مرتفعة عن الأرض بأكثر من عشرة آلاف كيلومتر، وبالتالي فإن راكب الطائرة يرى الشمس تشرق قبل موعد الشروق الفعلي على الأرض (بالذات إذا كنت مسافرا باتجاه الشرق)، ومن هنا يمكن الاستدلال على أن موعد الفجر قد حان، فقمت بأداء الصلاة وأنا جالس في مكاني، ثم خلدت إلى النوم لبضع ساعات!
المباني في شنغهاي من السماء يغلب عليها اللونين الأحمر والأزرق
مع الاقتراب إلى شنغهاي، بدأت الطائرة تخفض من سرعتها وارتفاعها، وبدأنا نشاهد الصين من الجو.
المياه كثيرة جدا، يخيل إلي أن البيوت والمزارع تتواجد بين ممرات للمياه منتشرة في كل مكان، وكأن الفيضانات قد غمرت الأرض، إنها مزارع الأرز في الصين، حيث تعتبر الصين أكبر منتج ومستهلك للأرز في العالم.
الأنهار كثيرة جدا، لكن يغلب عليها اللون الأصفر، المباني يغلب عليها اللون الأزرق والأحمر (من الجو طبعا)، تيسر لي أن ألتقط صورة رائعة لظل الطائرة على الأرض وهي تقترب من مطار شنغهاي.
هبطت الطائرة أخيرا في مطار شنغهاي، وانضم إلينا زميل مصري ثالث سيصحبنا في رحلتنا بالصين عرفناه من عيونه حيث كانت عيونه متسعة مثل عيوننا، ففي الصين يندر أن تجد أحدا من الصينيين يمتلك عيونا متسعة مثل عيوننا، وهناك وجدنا سيارة أجرة تنتظرنا لتحملنا من شنغهاي إلى مدينة في الجنوب تسمى "إيوو" في رحلة تستغرق حوالي أربع ساعات بالسيارة.
ظل الطائرة.. صورة من شباك الطائرة قبل الهبوط بلحظات
أبهرتني شنغهاي بمدى التطور والرقي والنظافة التي لا تخطئها عين في تلك المدينة التي يقال أنها عاصمة الصناعة الصينية على الرغم من أننا لم نتجول فيها، الشوارع والطرقات هناك واسعة ونظيفة والزهور والأشجار تحيط بجوانب الطرق والكباري الكثيرة الرائعة التصميم وإشارات المرور التي تنتشر في كل مكان بدون عساكر مرور، وما هو أغرب من ذلك أننا جميعا لاحظنا أن الصين بلد الأكثر من مليار وربع نسمة ليست مزدحمة! صديقي أشرف تساءل عدة مرات: "متى يستيقظ الناس من نومهم في الصين؟" حيث الشوارع تقريبا خالية من المارة إلا القليل، ولا يوجد ازدحام في الطرقات!
ما قلته عن نظافة وجمال الشوارع والطرقات في شنغهاي ينطبق على كل الطرق الرئيسية التي سرنا فيها في الصين، الأغرب من ذلك هو أن على طول المسافة بين شنغهاي وإيوو كان هناك خطوط قطارات سريعة، هذه القطارات تسير على كباري علوية خاصة بالقطارات فقط، لم تنقطع هذه الكباري على طول رحلتنا التي استغرقت أكثر من أربع ساعات كما قلت.
وصلنا الفندق في إيوو في المساء، كان الجوع يقتلنا، هناك وجدنا مترجما صينيا يتكلم العربية بانتظارنا، إنه مسلم صيني، اصطحبنا إلى مطعم سوري قريب يسمى "ورد"، يقدم أكلات شرقية كالتي اعتدنا أن نأكلها في بلادنا، يعمل فيه سوريون ومصريون وصينيون، فأكلنا وشربنا الشاي، ثم صعدنا إلى الفندق بعد يوم طويييييل جدا.

15 comments:

  1. شكرا لك اخي الرحالة البارع لقد اخذتني معك بدون جواز الى الصين ...
    لقد اثار انتباهي حديثك عن النظافة في بلد المليار وزيادة و لاادري ونحن في بلاد الملايين متى نصل لذلك المستوى
    تحياتي اخي بها

    ReplyDelete
  2. لازلنا متابعين لك اخى بهاء بكل شوق وشغف
    و جميل جدا هذا العرض للرحلة الشرقية الصينية :)
    انا من عشاق الشرق بكل بلاده لا اعرف من اين يأتى هذا الشعور لكن احب الشرق بكل جوارحى و لم يأتى يوم تمنيت ان اسافر للغرب او امريكا كشوقى للسفر لبلاد الشرق خاصة الهند والصين وباكستان حتى ايران تبهرنى بكل مافيها


    جزاك الله خيرا استاذ بهاء على الرحلة المجانية التى اخذتنا معك فيها

    وفى انتظار باقى تفاصيل الرحلة
    تحياتى وتقديرى

    ReplyDelete
  3. صديقي العزيز/ محمد أبو عز الدين..
    كم أتمنى حقا أن أكون رحالة فأنا أعشق السفر والترحال ومتابعة أحوال البلاد التي أزورها، ولكن ذلك لا يتيسر إلا ربما مرة كل عام، ويكون الوقت مزدحما بالعمل، حيث أسترق بعض لحظات أستمتع فيها بجمال البلاد التي أزورها.
    جزاك الله خيرا أخي على كلماتك الطيبة.
    أما النظافة فلذلك موضوع منفرد سيتم نشره قريبا بإذن الله وستجد فيه مفارقات عجيبة!
    تقبل تحياتي..

    ReplyDelete
  4. أختي الفاضلة/ أم هريرة..
    هذه الرحلات لن تظل مجانية لوقت طويل.. يعني أنا أسافر وأتشحطط وأنتم تجوبون العالم وأنتم جالسون تطالعون الشاشات؟!
    يا ستي كفاية هذه المشاعر الطيبة.
    أما عن السفر للشرق، فقد كانت المرة الأولى لي هناك، والحقيقة أنني كنت مجبرا عليها نوعا ما حيث لست من أنصار الصناعاة الصينية غالبا، ولكن لابد من التعلم حتى لو في الصين!
    تقبلي تحياتي..

    ReplyDelete
  5. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أ. بهاء طلعت أسعدني هذا الموضوع فأنا نادراً ما أقرأ شيئاً في هذه الأيام لانشغالي الشديد،،
    أنا أيضاً أحب السفر والتجوال حول العالم ولولا كوني إمرأة وأم لما جلست في مكاني:)
    لكني أسافر أيضاً عن طريق Google Earth :)
    من غير أن أدفع ولا مليم ومن غير أن أتشحطط
    ربما سيتحقق لي السفر يوماً ما،، وربما لا :)
    أتمنى منك أن تزور القارة المتجمدة الشمالية أو الجنوبية لأنها هي الوحيدة التي لم أستمتع في تجوالها انترنتياً فأود رؤيتها عن قرب :)
    في انتظار الأجزاء التالية بفارغ الصبر

    ReplyDelete
  6. الأخت/ أم سما..
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
    يشرفني أن تكون هذه التدونة مما حظي بمتابعتك رغم انشغالك.
    عدم السفر ليس له علاقة بكونك امرأة بل له علاقة أكبر بما تتيحه الظروف، فلولا ظروف العمل لما سافرت.
    لا أعتقد أن زيارة القارات المتجمدة سيكون أمرا سعيدا بالنسبة لي فالمكان هناك أبرد مما قد يروق لي.. التجول فيها انترنتيا أفضل بكثيير.
    تقبلي تحياتي..

    ReplyDelete
  7. أخى الكريم : بهاء
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كم استمتعت بهذه الرحلة الرائعة وبأسلوبك الشيق والذى رسم لنا الأحداث والأماكن حتى أصبحنا نراها رؤية العين
    رائع ماسطرته أناملك
    بارك الله فيك وأعزك

    ReplyDelete
  8. امتعتنا اخي

    المرة القادمة بقي تعزمنا علي اكل لبناني

    ههههه تحيتي

    ReplyDelete
  9. صديقي وأستاذي الغالي/ محمد الجرايحي..
    أشتاق لزيارتك إلى هنا..
    جزاك الله خيرا وأعزك..

    ReplyDelete
  10. حبيبي/ سواح في ملك الله..
    إنت لسة شوفت حاجة؟؟
    بس إنت تشرفنا كدة واحنا نعمل معاك أحلى واجب، وما تخافش مش ح جيبلك أكل صيني بالعصيان!
    تقبل تحياتي..

    ReplyDelete
  11. علي فكره انا من عشاق السفر بس مش لدرجة اروح شنغهاي هههه,,يا بختك يا سيدي

    ReplyDelete
  12. عزيزي الروق/ rack your minds
    ومن منا لا يحب ويعشق السفر؟ أحمد الله أن يسر لي ذلك..
    أما بالنسبة لزيارة شنغهاي.. فأقول لك...
    تاخد حتة؟!
    :)

    تقبل تحياتي..

    ReplyDelete
  13. لأننى من هواة التصوير .. فقد أعجبتنى كثيراً الصورة التى التقتطها لظل الطائرة , وهو ما ينم عن أنك تملك حساً فنياً راقياً.

    شكراً أخى بهاء على هذا التوثسق المتميز.

    ReplyDelete
  14. أخي الرائع/ محمد نبيل..
    هذه الصورة التقطتها عدة مرات من الطائرة، وانتيقت أفضلها لأضعها هنا في المدونة، حيث أعتقد أنها فعلا صورة نادرة، فهي تحتاج لتوفر الكثير من الظروف كاتجاه الشمس واتجاه سير الطائرة ومكان جلوس ملتقط الصورة حتى تخرج بهذا الشكل، وأظن أنني كنت محظوظا بما فيه الكفاية..
    في التدوينات القادمة ما سيحمل لك قدرا أكبر من التشويق فتابعني..
    تقبل تحياتي..

    ReplyDelete

أسعدني تشريفك، وبلا شك سيسعدني أكثر تعليقك، فلا تبخل به:)