Saturday, May 5, 2012

مش عم تمشي


وأخيرا..
تحركت السيارة.. ربما احتاجت دزَّة أو دزّتين! ولكنها تحركت في النهاية..
وبعد قليل عادت لتتعطل مرة أخرى..
نزل الركاب مرة أخرى.. وكانت المفاجأة!
السيارة ما زالت في مكانها.. لم تتحرك كما تخيلوا جميعا.
عادوا مرة أخرى لمحاولة إصلاحها.. تحت أشعة الشمس القاسية.. وقد استبد بهم العطش.. ليس لنقص الماء.. بل ربما لنقص أشياء أخرى ربما هي في نفس أهمية الماء.
بعد بضع ساعات.. تحركت السيارة.. ربما احتاجت دزَّة أو دزّتين!
ثم تعطلت مرة أخرى ليكتشف ركابها أنهم كانوا يحلمون.. فالسيارة لم تتحرك..
تكرر الموقف عدة مرات..
بعد قليل.. فارقهم أحدهم.. ثم عاد ليخبرهم أن هناك ورشة تصليح إذا ساروا في اتجاه الشمس..
بدأ الركاب يسيرون في اتجاه الشمس.. لم يصلوا إلى الورشة.. عادوا مرة أخرى للسيارة المعطلة محاولين إصلاحها بين أحلام الحركة وحقيقة العطل.
راودهم حلم العثور على الورشة مرة أخرى.. فشقوا طريقهم باتجاه الشمس.. لم يعثروا على الورشة..
صار العثور على الورشة حلما جديدا يراود خيالاتهم.. تارة يتخيلوه حقيقة وما هو إلا حلم.. تماما مثل السيارة التي تخيلوها قد تحركت وما هي إلا ساكنة مكانها.. معطلة.
مر عليهم أحد المارة بعد ثلاثين عاما من تعطل السيارة.. فوجدهم مكانهم يحاولون ويحلمون.. يتكلمون.. يشربون الشاي.. يلعبون.. ولكن لايفكرون.. ولا يتقدمون.. فقط يتباهون بانتصاراتهم وذكريات أجدادهم التي مر عليها الكثير من القرون.. بينما هم مع أعدائهم صاروا يتصالحون.
تركهم.. وعاد لهم بعد أكثر من ثلاثين عاما أخرى.. فوجدهم قد تكاثروا وأنشأوا المدن حول السيارة المعطلة.. توسعوا.. اقتسموا الأرض التي كانت تجمعهم حول السيارة، فصار لكل فرد منهم حدودا تفصله عن جيرانه الذين كانوا منذ سنوات رفاقه في ركوب سيارة واحدة..
تصارعوا.. تحاربوا.. ثاروا.. وما تزال سيارتهم متوقفة..
أحلامهم تراودهم بأن السيارة قد تحركت.. رحلاتهم مستمرة باتجاه الشمس بحثا عن ورشة التصليح..
مضى الزمن.. ولم تمض الأحلام..
تراها كانت أحلاما.. أم أوهام؟

ها السيارة مش عم تمشي
بدها حدا يدِّزها دَزِّي
بيحكوا عن ورشة تصليح
وما عرفنا وين هي الورشي
****  ****  ****  ****
خارج الإطار: الأبيات التي في النهاية هي كلمات باللهجة اللبنانية سمعتها في إحدى المسرحيات القديمة جدا.. الدَزّة باللهجة اللبنانية هي الدفعة وتنطق دَزِّي.. والورشي هي الورشة ولكن بإمالتها للكسر في اللهجة اللبنانبة! أما القصة بالكامل فلا أدعي أنها من خيالي.. فهي حقيقة نعيشها..
وما زلنا.

14 comments:

  1. ان شا الله بتمشى وبسرعة كمان
    يارب تكون مجرد فترة انتقال طبيعية وتمر المحن بسلام
    والله اخى بهاء عقلى تعب بشكل كبير جدا وماعاد قادر على التفكير بشىء من كتر الهموم والصراعات والاختلافات

    انا طبيعتى مش سياسية لكن لازم اهتم بالسياسة وامور حياتى وبلدى لكن بيكون على حساب عقلى وطبيعتى النفسية
    والله صدق اللى خلى المرأة مكانها البيت ههههه مالنا احنا والمولوتوف والانتخابات والقتل مالها القطط والقصص الرومانسية بس ؟؟ ههههه

    ان شاءالله السيارة بتسير وافضل من الماضى لكن مع شوية صبر وارادة

    دمت بخير اخى
    تحياتى لك

    ReplyDelete
  2. ان لاجديد تحت الشمس

    اسقاط رائع علي ثلاثون عاما من توقف الزمان

    وكاننا كنا كأهل الكهف

    تحيتي ياصديقي

    ReplyDelete
  3. قصة رائعة .. وما وراء القصة أروع
    أخي بهاء .. للقصة أبعاد كثير
    أبعاد تعايشنا معها .. سواء على المستوى الشخصي أو المستوى العام
    شواء كان التوقف في نفوسنا أو في مجتمعنا
    فقد إستطعت أن تجسده بطريقة رائعة
    ولكن سيأتي يوم ويبني أحدهم الورشة التي تخيلوها
    والأوهام ستصبح حقيقة

    ReplyDelete
  4. هو الحال بأكمله في حاجة إلى دزّة بل دزّات ....

    الله يصلح حالنا .

    تقديري لحرفك و فكرك

    صاحب الزمن الجميل

    ReplyDelete
  5. الأخت الفاضلة/ أم هريرة..
    ربنا يسمع من بقك!!
    ومن منا له في السياسة؟ بل قولي من منا لم يعد يتكلم في السياسة؟؟
    ده حتى عم سيد بتاع الأستاذ خالد (سواح في ملك الله) بقى بيتكلم في السياسة!!!
    بس الجدع بقى هو اللي ما يخليش السياسة وحواراتها تشككه في منهجه وأصله وطريقه، والحافظ هو الله.
    ربنا يعجل لنا بالفرج.

    ReplyDelete
  6. صديقي وحبيبي/ سواح في ملك الله..
    ربنا يستر علينا..
    بس دول مش ثلاثين سنة بس، دول أكثر من ستين سنة!
    تقبل تحياتي..

    ReplyDelete
  7. أختي الغالية/ نبض الأمل..
    جزاك الله خيرا واستجاب دعائك.
    هذه القصة كتبتها بعفوية شديدة وبدون أي رسم مسبق لمسارها ولا أي ترتيب.. إنها تداعي لما يجول بخاطري وما أراه أمامي من شريط للأحداث المحيطة بنا منذ سنوات طوييييلة جدا حتى يومنا هذا.
    وما زلنا محلك سر.
    والله أسأل أن يعجل لنا بالفرج.
    آميييين~~

    ReplyDelete
  8. صديقي العزيز/ منجي باكير..
    جزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة..
    تيجي تدز وأنا أدز ونشوف مين فينا يدز أكثر :))
    تقبل خالص تقديري واحترامي..

    ReplyDelete
  9. اسقاطٌ رائعٌ بأصدق تعبير ..
    عن حالٍ مُحزنٌ وواقعٌ مرير.

    أحييك أخى بهاء على هذا الطرح الطيب ..
    الذى عبرت به عن واقعٍ غير طيب.

    فليعمل كلٌ منا فى موقعه من أجل المساهمة قدر استطاعته فى إصلاح السيارة ..

    ولو بكلمةٍ أو نصيحةٍ عن كيفية إصلاح السيارة ..

    فالدَّالُ على الخير كفاعله.

    وإلا ستظل السيارة معطلةً لسنواتٍ أخرى لا نعلم متى ستنقضى.

    ReplyDelete
  10. الابيات من اغنية لفيروز
    صدقت يا صديقي و احسنت الاسقاط و اتفق معك تماما
    و رايي ان القبطان الجيد يسير في اتجاه واحد حتى يصل للشاطىء فأي اتجاه سيصل بك حتما للبر حتى و ان كان بأطول الطرق لكن حين تتوه السفينة يجب ان تحسم أمرك في اتجاه واحد
    و الحفار الجيد هو الذي يعمل على الحفر في بئر واحد لا يغيره لأنه سأم عدم ايجاده للماء
    تحياتي

    ReplyDelete
  11. أخي العزيز/ محمد نبيل..
    "فليعمل كلٌ منا فى موقعه من أجل المساهمة قدر استطاعته فى إصلاح السيارة ..
    ولو بكلمةٍ أو نصيحةٍ عن كيفية إصلاح السيارة ..
    فالدَّالُ على الخير كفاعله.
    وإلا ستظل السيارة معطلةً لسنواتٍ أخرى لا نعلم متى ستنقضى."
    جزاك الله خيرا على كلماتك الصادقة والواقعية.

    ReplyDelete
  12. بسم الله وبعد
    إزدياد سرعة السيارة منوط بصلاح أحوالنا
    أحييك أخي في الله على هذا الموضوع الرائع

    تحياتي واحترامي وتقديري لك

    مازن الرنتيسي

    ReplyDelete
  13. صديقي العزيز/ سيف المدونين..
    " القبطان الجيد يسير في اتجاه واحد حتى يصل للشاطىء فأي اتجاه سيصل بك حتما للبر حتى و ان كان بأطول الطرق لكن حين تتوه السفينة يجب ان تحسم أمرك في اتجاه واحد
    و الحفار الجيد هو الذي يعمل على الحفر في بئر واحد لا يغيره لأنه سأم عدم ايجاده للماء"
    لفتة رائعة لا تصدر إلا من قلم فيلسوف رائع مثلك.
    أثريت هذه التدوينة بكلماتك والله..
    جزاك الله خيرا..

    ReplyDelete
  14. أخي الغالي/ مازن الرنتيسي..
    أسأل الله أن يعجل لنا جميعا بالفرج.. فالمقصود الأول من هذه القصة هو القدس المسلوب منا منذ أكثر من ستين عاما..
    جزاك الله خيرا..

    ReplyDelete

أسعدني تشريفك، وبلا شك سيسعدني أكثر تعليقك، فلا تبخل به:)